الصفحة الأولى صاحب الموقع المشاركون من قصائدي قصائد مشاركة اكتب لنا

النَّظَّارَة

كُلُّ قُوَّة ٍغاشمَةٍ، تُريدُ أنْ تحجُبَ نورَ الشَّمسِ، تُريدُ أنْ تغطّيَ قُبحَها وَنتنَها وَخُبثَ مَراميها، تسعى لِتفرِضَ عَقائدَها المنحَرفَةَ عَلَى النَّاسِ، بأقذَرِ الأساليبِ وَالطّرُقِ. لكنَّ الله يأبى إلاّ أنْ يُتمَّ نورَهُ، وَتبقى عَقيدَةُ الإسلامِ واضِحَةً عَزيزَةً، وَإليها أُهدي هذِهِ القَصيدَةَ، أَفضَحُ بها النّظّارَةَ المعتمَةَ، وَالقوّةَ التي تقِفُ وَرَاءَها. إلى تلكَ العَقيدَةِ السَّامِيَةِ السَّامِقَةِ أخوضُ البُحُورَ، وَبها وَحدَها أتحدَّى النّظّارَةَ.

 

أَعَجيبٌ أَني خُضتُ إِليكِ بحورَ العَيشِ المغبَرِّ

وَنَفَضتُ فُؤادِي مِنْ جَمْرٍ فانساحَ الماءُ مِنَ الجمرِ

وَيَبُوحُ العاشِقُ بِالأشواقِ وَلكِنْ في عَتْمِ السِّرِّ

وَأَنا قَدْ جِئْتُ وَضَوءُ الشَّمسِ يُنيرُ العالَمَ في الظُّهرِ

 

وَعَشِقْتُ عُيُونَكِ واضِحَةً خَضْراءَ وَدُونَ تَهَاوِيلِ

يَلْقاني مِنْها إِشْعاعٌ يُزْري بِالظُّلْمَةِ وَاللَّيْلِ

تاريخٌ أَخْضَرُ يَلْقاني بِالنَّخْلِ يموجُ وَبِالخَيْلِ

وَهْجٌ لِلشَّمْسِ أُعانِقُهُ في بحرِ اللَّوعَةِ وَالوَيلِ

 

أَعَجِيبٌ أَني لا أَهْوى تِلْكَ الرَّعْناءَ المغرورَة

أَتَحَدَّى كُلَّ مَفاتِنِها كُلَّ الشَّهَواتِ المنْثُورَة

تَتَصَنَّعُ تَبْذُلُ عِفَّتَها تَرْوي كِذْباتٍ مَشْهُورَة

لَكِنِّي لا أَرْضى أَبَدًا أَنْ تملِكَ مِنْ شِعْرِي صُورَة

 

وَاستَلَّت كُلَّ مَفاتِنِها ضَرَبَتْ آلافَ الأعناقِ

أَلقَتْ في الهوَّةِ أَشعارًا حَفَلَتْ بِنَبيلِ الأَشواقِ

هَبَرَتْ بالمِخلَبِ كُلَّ جميلٍ قِيلَ بِهِ أَدَبٌ راقِ

وَسَعَتْ لِتُزَوِّرَ أَشْعاري كَي تَدخُلَ غَدْرًا أَوراقي

 

كُلُّ الشُّعَراءِ لِيُرْضُوها وَضَعُوا مِنْ تِلْكَ النَّظَّارَة

كُلُّ الأذنابِ كلابِ الصَّيدِ اختارُوها لَهُمُ شَارَة

أَقْزامُ الخِسَّةِ أَبدُوا العُهْرَ وَلم يَكتُمْ قَذِرٌ عَارَه

وَتَرَضَّتْ عَنْهُمْ مُذْ خَضَعُوا وَتَعاطَوا تِلكَ النّظّارَة

 

دُونَ النّظّارَةِ عَيناها نَظَراتُ الرُّعْبِ تُغَلِّفُها

وَبِغَيرِ العِطْرِ لَهَا نَتَنٌ تَأباها مِنْهُ وَتَقْرَفُها

إِنْ شِئْتُ لأذكُرَ أَوْصَافًا وَأُمُورًا أَخْطَرَ أَعرِفُهَا

فَسَتَزْحَفُ سِرًّا أقزامٌ تَغتالُ حُرُوفي تُتْلِفُها

 

رَسَمَتْ لِتُسَمِّمَ أَفكارِي لِتُعَلّمَني مَا لا أعلَم

كي تَدخُلَ كُلَّ حِكاياتي كي تُصبِحَ من لُغَتي أَقدَم

كي تَدخُل في صُوَرِ الماضي في نَشْوَةِ قلبي في المأتم

في قِصَّةِ حُبي في كُتُبي في ضِحكَةِ طِفلَتِنا مَرْيَم

 

في كُلِّ مَكانٍ صُورَتُها كالأفعى حَولي تَلتَفُّ

إِنْ بانَتْ يَهْتِفُ عُشّاقٌ كالرّيحِ اشتَدَّ لها عَصْفُ

لِتُقَبِّلَ أَيدِيها اصطَفَّتْ صَفٌّ يَرتَصُّ بِهِ صَفُّ

وَزُجاجُ جميعِ النّظّاراتِ لِضَوءِ الشّمسِ لَهُ كَفُّ

 

وَحدِي أَتَحَدّى النّظّارَةَ أَبَدًا أَتَحَدّى في الجَهرِ

ما زالَتْ كُلُّ دَواوينِ الأَقزامِ نُصُولاً في ظَهْرِي

وَلأنَّ عُيُونَكِ واضِحَةٌ كَشُعاعِ الشَّمسِ لَدَى الظُّهرِ

قاوَمْتُ الأسْرَ وَخُضْتُ إليكِ بُحُورَ العَيْشِ المُغْبَرِّ

 

محمد حسن مصطفى

الصفحة الأولى صاحب الموقع المشاركون من قصائدي قصائد مشاركة اكتب لنا